أدب

1 فبراير ذكرى ميلاد الفيلسوف والكاتب المصري زكي نجيب محمود

حدث في مثل هذا اليوم الاول من فبراير 1905، ميلاد الفيلسوف المصري زكي نجيب محمود. من أبرز فلاسفة العرب ومفكريهم في القرن العشرين، وأحد رُوَّاد الفلسفة الوضعية المنطقية. وصَفَه العقاد بأنه «فيلسوف الأدباء وأديب الفلاسفة؛ فهو مفكِّرٌ يصوغ فكره أدبًا، وأديبٌ يجعل من أدبه فلسفة.

حياة الفيلسوف المصري ودراسته

وُلِد زكي نجيب محمود في قرية «ميت الخولي عبد الله» التابعة لمركز الزرقا بمحافظة دمياط المصرية في أول فبراير سنة ١٩٠٥م، والتحق بكُتَّاب القرية، وعندما نُقِل والده إلى وظيفةٍ بحكومة السودان أكمَلَ تعليمَه في المرحلة الابتدائية بمدرسة «كلية غوردون»، وبعد عودته إلى مصر أكمَلَ المرحلةَ الثانوية، ثم تخرَّجَ في مدرسة المُعلمين العليا بالقسم الأدبي سنة ١٩٣٠م، وفي سنة ١٩٤٤م أُرسِل في بعثةٍ إلى إنجلترا حصل خلالها على «بكالوريوس الشرفية من الطبقة الأولى» في الفلسفة من جامعة لندن؛ لينال بعدَها مباشَرةً درجةَ الدكتوراه في الفلسفة من كلية الملك بلندن سنة ١٩٤٧م.

بعد تخرجه عمل بالتدريس حتى سنة (1362هـ= 1943م) وأكمل دراسته في إنجلترا في بعثة دراسية لنيل درجة الدكتوراة في الفلسفة، وتمكن من الحصول عليها من جامعة لندن عام 1367 هـ/1947م، وكانت أطروحته بعنوان “الجبر الذاتي”، وقد ترجمها تلميذه الدكتور إمام عبد الفتاح إلى العربية.

إقرأ أيضا:16 مارس ذكرى ميلاد الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود خامس ملوك السعودية

الحياة العلمية لزكي نجيب محمود

  • اشتغل بالتدريس في عدة جامعات عربية وعالَمية؛ فدرَّسَ في قسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة القاهرة
  • وجامعة كولومبيا بولاية كارولاينا الجنوبية
  • وأيضا جامعة بوليمان بولاية واشنطن
  • كما عمل بجامعة بيروت العربية بلبنان
  • وعدة جامعات في الكويت
  • كما عُيِّن ملحقًا ثقافيًّا بالسفارة المصرية في واشنطن عامَيْ ١٩٥٤ و١٩٥٥م.
  • اختِيرَ عُضوًا في العديد من اللجان الثقافية والفكرية؛ فكان عُضوَ لجنتَيِ الفلسفة والشِّعْر بالمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية
  • وعُضوَ المجلس القومي للثقافة، وعُضوًا بالمجلس القومي للتعليم والبحث العلمي.
  • انضمَّ إلى لجنةِ التأليف والترجمة والنشر ليشترك مع أحمد أمين في إصدارِ سلسلةٍ من الكتب الخاصة بالفلسفة وتاريخ الآداب بأسلوبٍ واضحٍ سهلٍ يتلقَّاه المثقفُ العام
  • وفي سنة ١٩٦٥م أنشأ مجلة «الفكر المعاصر» وترأَّسَها حتى سنة ١٩٦٨م.
  • بعد عودته من الكويت انضم إلى الأسرة الأدبية بجريدة الأهرام سنة 1393 هـ 1973م
  • شارك بمقاله الأسبوعي الذي كان ينشره على صفحاتها كل ثلاثاء
  • وبلغ من اهتمام الصحافة بهذه المقالة الرصينة أن خمس صحف عربية كانت تنشر هذا المقال في نفس يوم صدوره بالقاهرة.

زكي نجيب محمود فيلسوف الأدباء

وصف ياقوت الحموي في كتابه معجم الأدباء أبا حيان التوحيدي بأنه فيلسوف الأدباء وأديب الفلاسفة؛ لأنه كان أديبا موسوعيا يحاول مزج الفلسفة بالأدب، وأن يقدم خلاصة ذلك للناس ليكون قريبا من أفهامهم. والوصف الذي أطلقه ياقوت الحموي يكاد لا ينطبق على أحد من أعلام النهضة الأدبية في مصر إلا على زكي نجيب محمود، فقد نجح في تقديم أعسر الأفكار على الهضم العقلي للقارئ العربي في عبارات أدبية مشرقة، وفكّ أصعب مسائل الفلسفة وجعلها في متناول قارئ الصحيفة اليومية، واستطاع بكتاباته أن يخرج الفلسفة من بطون الكتب وأروقة المعاهد والجامعات لتؤدي دورها في الحياة.

إقرأ أيضا:8 يناير ميلاد كيم جونج أون زعيم كوريا الشمالية صاحب الامبراطورية المغلقة

عند قراءة مقالاته تحديدًا، كانت تبدو وكأنها كتابات من المستقبل، فحتى الآن لا تستطيع أن تصدق أن تلك المقالات لكاتب رحل عن عالمنا قبل ما يزيد من ربع قرن، ما ساعد على نضوج تجربة الفيلسوف المصري هو حياته المليئة بالزخم والترحال منذ سنوات الطفولة الأولى

كان يمتلك من الثقة القدر الكافي الذي لا يجعله يقع أسيرًا لأفكاره، فنجح في التطور عبر السنوات والأفكار والمدارس الفكرية، و ليس هناك مشهد دال على ذلك ستصادفه أكثر من اللحظة التي تستمع فيها لحديثه النادر مع الإذاعية نادية صالح في إحدى حلقات البرنامج الإذاعي “زيارة لمكتبة فُلان” من أرشيف الإذاعة المصرية، وهو يحدثنا عن علاقته بالكتاب وكيف تطورت وتغيرت عبر السنوات حتى توطدت كثيرًا في آخر العمر، وأصبحت بمثابة الصديق الوفي الحقيقي الذي لا يفارقك، لتدرك كيف كان عدم التعصب في تناول الأفكار أو الدفاع عنها في حياته مفتاحًا أساسيًا في نجاح فكر الرجل ونجاح مشروعه في التغيير والتغيُر والنظرية المعاكسة لمنطق المشجع الكروي المتعصب لأفكاره طوال الأربع وعشرين ساعة، الذي نصادفه كثيرًا في حياتنا الثقافية، والذي لن يتغير ولن يغُير مثلما تغيرنا وتطورنا مع كتب وأفكار و مقالات فيلسوف الادباء

المراحل الهامة في تطور فكر الفيلسوف المصري

وربما تحمل كلمات العقاد مفتاحًا أساسيًا لفهم تركيبة عبقري الفلسفة المصري التي تصفها أحد الدراسات الأكاديمية التي ناقشت حياته – والتي ارتكز عليها تعريفه على بوابة المعرفة- بأنها مرت بثلاث مراحل أساسية للتطور

إقرأ أيضا:22 فبراير ذكرى ميلاد الفيلسوف الألماني أرثر شوبنهاور فيلسوف الوجودية والتشاؤم
  • انشغل في أولها – وهي المرحلة التي سبقت سفره إلى أوروبا- بنقد الحياة الاجتماعية في مصر وتقديم نماذج من الفلسفة القديمة والحديثة والآداب التي تعبر عن الجانب التنويري. و تبدو ثمار تلك المرحلة واضحة في الثلاثة كتب التي اشترك في تأليفها مع أحمد أمين
  • المرحلة الثانية بعد العودة من أوروبا، وامتدت تلك المرحلة من حياته حتى الستينيات عندما بلغ سن التقاعد الأكاديمي. ودعا زكي نجيب في تلك الفترة لتغيير سلم القيم إلى النمط الأوروبي، والأخذ بحضارة الغرب بصفتها حضارة العصر، بخاصة مع اشتمالها على الجوانب الإيجابية في مجال العلوم التجريبية والرياضية، وتقدير قيمة العلم والجدية في العمل واحترام الإنسان، وهي القيم التي كانت مهدرة ومفتقدة نسبيًا ذلك الوقت في العالم العربي.
  •  اما المرحلة الثالثة فقد شهدت عودته إلى التراث العربي قارئًا ومنقبًا عن الأفكار الجديدة فيه، بعد أن كان رافضًا له من قبل، و بدأ في البحث عن سمات الهوية العربية التي تجمع بين الشرق والغرب، وبين الحدس والعقل، وبين الروح والمادة.

المعركة الفكرية بين الشيخ الشعراوي وبين زكي نجيب محمود

المعركة الفكرية التي دارت رحاها في مصر في نهاية ثمانينيات القرن الماضي بين الراحلين الشيخ محمد متولي الشعراوي والمفكر الكبير وأستاذ الفلسفة الشهير الدكتور زكي نجيب محمود، رحمة الله عليه.

وقد بدأت المعركة عندما صرح الدكتور زكي نجيب محمود بأننا ممتلئون حقداً على الغرب لأنه يملك العلم وأدوات الحضارة، ونحن لا نملك إلا مجموعة من الكتب التراثية القديمة التي لا يرتبط معظمها بالعصر الذي نعيش فيه، وأن حقدنا هذا ناتج عن عجزنا الحضاري، والعاجز لا بد أن يحقد، ويدعي في نفسه تميزاً متوهماً ما ليس فيه على الحقيقة.

وضرب الدكتور زكي نجيب محمود مثلاً على ذلك بما فعله الشيخ محمد متولي الشعراوي حين سخر من الحضارة الغربية في إحدى حلقات برنامجه الأسبوعي لتفسير القرآن، الذي يذيعه التلفزيون المصري، فقال: إنهم في الغرب فرحون بصعودهم إلى القمر، فما قيمة ذلك؟!

ثم أخذ الشيخ من علبة المناديل الورقية التي أمامه واحداً وهزه في الهواء وقال: “هذه الورقة أنفع من الوصول إلى القمر”.

رد الفيلسوف المصري على الشيخ المصري

وقد استفز هذا التصرف الدكتور زكي نجيب محمود، فتصدى لبيان خطأ هذا القول موضحاً أن الشيخ الشعراوي هو أول المستفيدين من الصعود إلى القمر؛ لأن إحدى النتائج الفرعية لهذا الصعود هي الأقمار الصناعية التي تنقل أحاديث الشيخ إلى العالم كله.

كما أن الشيخ يجلس أمام كاميرات التلفزيون فيدخل ملايين البيوت، والتلفزيون هو نتاج العلم الغربي، ولو كان الشيخ جاداً ويعتقد أن العلم الغربي لا يساوي منديل الورق – الذي هو أيضاً اختراع غربي- فكان عليه أن يرفض الجلوس أمام الكاميرا، ومقاطعة المنجزات التكنولوجية للعلم الغربي.

تلك هي أهم ملامح المعركة التي دارت بين الشيخ محمد متولي الشعراوي والدكتور زكي نجيب محمود، وفي ذروة حياة ونجومية وقوة الشيخ الشعراوي، وقد انتهت بتصالحهما بعد سجال وجذب وشد طويل، حتى أن الشيخ الشعراوي قام بعد ذلك بزيارة الدكتور زكي نجيب محمود في مرض موته، تعبيراً عن تقديره له، وصفاء الأجواء بينهما.

ولو تأملنا في جوانب تلك المعركة الفكرية لوجدنا أن موقف الدكتور زكي نجيب محمود، كان هو الأقوى والأكثر إقناعاً؛ لأنه يقوم على مبدأ رفض خداع الذات، ودغدغة أوهامها المتعلقة بتميزنا الروحي والديني على الغرب المادي البعيد عن الروحانيات والدين؛ لأن هذا الخداع يمنعنا من إدراك جوانب القصور العلمي والثقافي في حياتنا، والسعي للحاق بركب الحضارة الإنسانية كمنتجين فاعلين، بدلاً من أن نظل عالة على الحضارة الغربية ومنجزاتها العلمية والثقافية، 

كتابات زكي نجيب محمود الفلسفية والادبية

  • أسس التفكير العلمي
  • أفكار ومواقف
  • أيام في أمريكا
  • الشرق الفنان
  • الكوميديا الارضية
  • المعقول واللامعقول في تراثنا الفكري
  • برتراند راسل
  • تجديد الفكر العربي
  • خرافة الميتافيزيقا
  • جنة العبيط
  • حصاد السنين
  • حياة الفكر في العالم الجديد
  • رؤية اسلامية
  • قشور ولباب
  • وأيضا: قصة الادب في العالم
  • في حياتنا العقلية
  • قصة الفلسفة الحديثة
  • من زاوية فلسفية
  • قصة عقل
  • نظرية المعرفة
  • قصة نفس
  • هذا العصر وثقافته
  • هموم المثقفين
  • وجهة نظر
  • جابر ابن حيان
  • ديفيد هيوم
  • المنطق الوضعي
  • أرض الاحلام

وفاة أديب الفلاسفة

حصل الدكتور زكي نجيب محمود على جائزة الدولة التقديرية، وقد سلّمه إيّاها الأستاذ بسام مؤنس حسن. توفِّي بالقاهرة في ٨ من سبتمبر سنة ١٩٩٣م عن عُمرِ ثمانٍ وثمانين سنة، بعد أن ترك بَصماتِه البارزةَ في حياتنا الفكرية ورؤيتنا الفلسفية.

مقولات زكي نجيب محمود

  • من اللغة تبدأ ثورة التجديد حيث اللغة هي الوسيلة التي لا وسيلة سواها لنشأة المعرفة الإنسانية وتكوينها وتطويرها أو جمودها في بعض الحالات
  • موقف الحياد هو موقف العاجز الذي يريد لنفسه السلامة والهدوء.
  • الحياة عبئها ثقيل على من أصابه في الحياة خذلان
  • وتعطلت لغة الكلام وخاطبت***عيني في لغة الهوى عيناك
  • إن الحياة إن هي إلا تعاقب مستمر بين حالتي التوتر والارتخاء في الكائن الحي
  • بالصداقه يزداد الصديق اقتراباً من المثل الاعلي للانسان الكامل
  • فالحق واحد لا يتعدد بتعدد طرائق الوصول إليه.
  • والكف عن العمل هو كالعمل، شئ من الإرادة.
  • والمغرور مِن الناس، هو الذي ينظُر إلى صُنوف الحيوان والطير، فلا يلمسُ فيها رابطة الحياة التى تُؤاخي بينهُ وبينها.
  • إن الإنسان ليكسبَ قلوبَ الناسِ بخفة روحه ، أكثرَ جدا مما يكسبُها برجاحةِ عقله.
  • فقيرة هي تلك النفوس التي لا تخفف الوطء، لأنها لا تدري أن أديم الأرض هو من هذه الأجساد.
  • إذا كان لا إرادة بغير فعل , فكذلك لا فعل بدون تغيير .. وكل ارادة فعل , وكل فعل , حركة وتغيير.
  • إنظُر إليهِ من الظاهِر ، تكُن من رجال التجربة والعِلم ، إنظُر إليهِ وجودا واحدا حيّا ، ً تكُن مِن أصحاب الخيال البديع المُنشىء الخلاّق.
السابق
31 يناير 2010 ذكرى فوز المنتخب المصري بكأس الأمم الافريقية للمرة الثالثة على التوالي
التالي
2 فبراير ذكرى غرق العبارة المصرية السلام 98 في البحر الأحمر أثناء عودتها من السعودية