أدب

22 فبراير ذكرى ميلاد الفيلسوف الألماني أرثر شوبنهاور فيلسوف الوجودية والتشاؤم

حدث في مثل هذا اليوم 22 فبراير 1788 ميلاد الفيلسوف الألماني أرثر شوبنهاور. الذي اشتهر بفلسفته الوجودية والتشاؤمية. سنتعرف على حياته وعلاقته بأمه وسنتعرف على فلسفته ورؤيته للحياة والوجود والارادة والميتافيزيقا. فما يراه بالحياة ما هو إلا شر مطلق، فقد بجل العدم وقد عرف بكتاب العالم إرادة وفكرة، أو العالم إرادة وتمثل

حياة الفيلسوف الألماني أرثر شوبنهاور

ولد شوبنهاور في الثاني والعشرين من شهر فبراير سنة 1788 م. درس الفلسفة بجامعة جوتنجن بين عامي 1809 و1811، ثم انتقل إلى جامعة برلين (1811 – 1813م) حيث ختم دراسته بحصوله على الدكتوراه عن رسالته التي دونها تحت عنوان : الأصول الأربعة لمبدأ السبب الكافي وهي رسالة في العقل وصلته بالعالم الخارجي. وقد كان تلميذا لكانط. مات أبوه منتحرا وهو في السابعة عشرة (1805 م). عاش بعد ذلك حياة شقية تعيسة بسبب خلافه مع أمه بسبب حياة التحرر من كل قيود الفضيلة التي عاشتها أمه بعد أبيه، وقد انتهى الخلاف بينهما إلى قطيعة كاملة حتى ماتت ولم يرها. وقد سبب سلوك أمه شعورا عنده بالمقت الشديد للنساء لازمه طوال حياته. فلم يرتبط بامرأة حتى مات.

كان شوبنهاور ابن تاجر ثري، هاينريش فلورس شوبنهاور. وزوجته جوانا التي اشتهرت فيما بعد برواياتها ومقالاتها وأدبها عن الرجل. سنة 1793. عندما وضعت دانزيغ تحت السيادة البروسية. انتقلوا إلى مدينة هامبورغ. تمتع آرثر بتعليم خاص محترم، ثم التحق بكلية خاصة لإدارة الأعمال حيث أصبح على معرفة بروح التنوير وانكشف على سلوك التقوى الذي يُعد أمرًا حساسًا بالنسبة لمأزق البشر. سنة 1803 رافق والديه إلى رحلة واسعة عبر بلجيكا وإنكلترا وفرنسا وسويسرا والنمسا.

إقرأ أيضا:3-10 الأمير فيصل بن الحسين الهاشمي يدخل دمشق على رأس القوات العربية والإنجليزية ويعلن قيام الدولة العربية في سوريا الكبرى

تغير حاسم في حياة شوبنهاور بموت والده

أدت الوفاة المفاجئة لوالده في أبريل 1805 إلى تغيير حاسم في حياته. فقد انتقلت والدته وشقيقته الشابة إلى وايمار، حيث نجحت والدته في الانضمام إلى الدائرة الاجتماعية للشعراء مع يوهان فولفغانغ فون غوته وكريستوف مارتين فيلاند، المعروف بفولتير الألماني. وبقي آرثر وحده في هامبورغ أكثر من سنة ولكن مع حرية أكبر للانخراط في الفنون والعلوم. تمكن أخيرًا من مغادرة هامبورغ في مايو 1807. وخلال السنتين التاليتين التي قضاهما في غوثا ووايمار، اكتسب الإعداد الأكاديمي اللازم للالتحاق بالجامعة.

في خريف 1809 قُبل طالبًا للطب في جامعة غوتينغن وحضر غالبًا محاضرات عن العلوم الطبيعية. وتحول فيما بعد إلى العلوم الإنسانية مع التركيز على أفلاطون وإيمانويل كانت. والتحق بجامعة برلين في الفترة 1811-1813، حيث سمع عن العديد من الفلاسفة مثل يوهان غوتليب فيشته وفريدريش شلايرماخر. وفي رودولستاد، صيف 1813، نال درجة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة جينا.

فكر الفيلسوف الألماني أرثر شوبنهاور

تتأرجحُ الحياةُ كرقّاص السّاعة بين الألم والضّجر» يقول الفيلسوف الألماني آرثر شوبنهاور في كتابه «العالم تمثلًا وإرادة». لم يخصص شوبنهاور كتابه هذا في التأفف من شرور العالم وحوادث الدهر فحسب. إنّما أصّل لفلسفته تأصيلًا ميتافيزيقيًا يُعدّ امتدادًا لسابقَيه أفلاطون وإمانيويل كانط. بل إن فلسفته قائمة على دعائم مأخوذة أو مستوحاة من الفلسفة الهندية. ولا تعنينا أطروحته في الميتافيزيقا بقدر ما تعنينا النتيجة التي حاول إثباتها من خلال تنظيره في الذات والموضوع وعالم الظواهر وعالم المُثُل والشيء في ذاته والشيء كما يظهر، هلم جرًا..

إقرأ أيضا:5 مارس ذكرى ميلاد سامية جمال فراشة السينما المصرية سمراء الفنانات ورشيقة الراقصات

وهي نتيجة تقتضي إثبات الطبيعة الشرهة والتوجّه الأعمى لقوةٍ سمّاها «الإرادة» وهي في نظره تمثّل الجوهر الذي يجمع بين شتى الظواهر من إنسان وحيوان ونبات وجماد وغيرها من الأشياء التي تشكّل العالم ككل. وهكذا يكون شوبنهاور «من القائلين بوحدة الوجود -بمعناه الفلسفي الخالص لا الديني- وأن هذا الوجود له مبدأ واحد وحدة مطلقة في ذاته. وإن تعددت المظاهر التي يتحقق فيها موضوعيًا. وهذا المبدأ هو الإرادة، الإرادة العمياء المندفعة». كما يقول وفيق غريزي في كتابه: «شوبنهاور وفلسفة التشاؤم».

فلسفة شوبنهاور هي فلسفة تهدف إلى فهم العالم بكل مكوناته سواء الحية من إنسان وحيوان ونبات أو من المواد غير الحية. ويخرج شوبنهاور من ثنائية الذات والوضوع. بمعنى أن الخلاف الشهير بين المثاليين والماديين حول نظرية المعرفة باعتبار أن المعرفة التي نكونها عن الأشياء هل هي موجودة فعلا في الأشياء أم أن ذواتنا هي التي تنتج هذه المعرفة وفق رؤاها الخاصة. شوبنهاور يرى أن هذا جدال في غير محلّه فلا الذات لوحدها قادرة على إنتاج معرفة عن الأشياء ولا الأشياء لوحدها يمكن أن تشكل معرفة دون الذات العارفة. الذي يحصل عند شوبنهاور هو التمثل. الذي هو التقاء بين الذات والشيء. هذا الالتقاء هو الذي ينتج عنه معرفة.

البحث عن الإرادة في فكر فيلسوف الوجودية

تتمظهر هذه الإرادة التي يتحدث عنها شوبنهاور في كل قوة مندفعة اندفاعًا أعمى، في الطبيعة وفي السلوك البشري. فهي عند شوبنهاور إذن إرادة الحياة والسعي الدائم إلى البقاء. وهي حسب مفهومه لا تعني «الأعمال القصدية فحسب، لكن أيضاً العادات والغرائز والاندفاعات والميول من أي نوع ومن كل نوع». إذن لا تستعين الإرادة بالعقل في مسيرتها، بل هي عمياء إن جاز لنا التعبير. وأظهرُ تمظهر لإرادة الحياة نجده في غريزة الإنسان الجنسية ورغبته في التكاثر. إذ يتحقق بذلك بقاء نوعه، والمثل يحدث مع شتى الكائنات في السلم البيولوجي.

إقرأ أيضا:30 يناير ذكرى اغتيال السياسي المهاتما غاندي محرر الهند على يد أحد الهندوس المتطرفين

ويمثّل الجنس البشري أعلى السلم الهرمي للكائنات الحية، فهو أذكاهم وأقدرهم على الشعور بالألم ووحده القادر على اكتناه الأشياء والسؤال عنها وعن ماهيتها، كما أن وعيه هذا اجتثه من آنية الحاضر إلى استحضار الماضي والتفكير بالمستقبل. وما وعيه هذا إلا نتيجة ارتقائه وتحقيقه لقانون بقاء الأصلح، وبهذا يكون الإنسان قد اعتلى قمة الهرم البيولوجي وكان له السبق في تحقيق إرادة الحياة من خلال تبوّئه هذه المكانة الرفيعة بين أقرانه من الكائنات. لكن لابد من عواقب يترتب عليها هذا الأمر، وهنا يتبدّى لنا ما يستتبع ذلك من معاناة،

اتساع أفق الانسان يؤدي للقلق بحسب فيلسوف الوجودية أرثر شوبنهاور

«فمع اتساع أفق العقل البشري الذي يحوي الماضي والمستقبل. نكون عرضة للقلق والندم وخيبة الأمل.» على النقيض من الحيوانات الأخرى التي تفتقر إلى خاصية الوعي التي تكثّف تجربة اللذة والألم التي يعيشها الإنسان ويعاني بسببها. يقول شوبنهاور في مقالته (عن شقاء العالم): «لتتحقق سعادةُ المرء ويشعرَ بالرضا، يلزم دائمًا أن تُشبع رغبة ما أو أن يوضع حدٌ لحالة ما من الألم»

الإرادة لدى شوبنهاور هي الرغبات والشهوات والمطالب الغريزية التي تحرك الإنسان بدون وعي منه. هذه هي الإرادة وهي المحرك الأساسي للإنسان وأكثر البشر يتحركون بأثر من هذه الإرادة وهذا ما يفسر النزاعات والصراعات بين الناس. فإرادة المال والجنس والطعام والتملك والسلطة… الخ من الرغبات العمياء هي التي تتحكم في تصرفات الناس لا العقل كما يتوقع البعض. لا أحد يتخلص من هذه الإرادة إلا الفنان لحظة العمل الفني والزاهد الذي استطاع عقله أن يتغلب على إرادته،

كيف يفسر صاحب فلسفة التشاؤم أرثر شوبنهاور الشعور بالمعاناة

الإرادة هي سبب معاناة الإنسان ويضرب شوبنهاور على ذلك شواهد ففي جسم الإنسان لا يتعب إلا تلك الأعضاء المرتبطة بالإرادة أما الأعضاء غير الإرادية فلا تشعر بالإجهاد مثل القلب والرئة أما الأيدي والأرجل مثلا فهي تتعب بسرعة لأنها إرادية ومتعلقة بالإرادة.

بينما تشكّل المعاناة بما تحوي من تعب وقلق ومشاكل جزءًا من التجربة الإنسانية، يتساءل شوبنهاور: «ماذا لو تحققت فورًا كل الأماني التي تمنيناها؟ كيف سيقضي الناس حياتهم؟ بأي شيء سيشغلون أوقاتهم؟ إذا ما كان العالم فردوساً مترفًا مرفّهًا، وكانت أنهارٌ من اللبن والعسل تجري، وكان كلّ رجلٍ يُحصّل امرأة أحلامه من غير أي جهد، فإما أن يموت الناس ضجرًا، أو انتحارًا، أو أن تقوم الحروب والمجازر وتُسفح الدماء، فتكون النتيجة أخيرًا أن يتسبب الإنسان بالشقاء على نفسه، شقاءٍ أعظم من هذا الذي يعاني الآن منه على يد الطبيعة».

فاللذة إذن مقرونة برغبات ملحّة لا تنتهي ولا يشبع منها المرء، وسرعان ما سيضجر منها. ولهذا يقول وفيق غريزي: «إنّ السعادة النسبية التي قد يخيل إلى البعض أنهم يشعرون بها ما هي الأخرى إلا وهم. فما هي إلا الإمكانية المعلقة التي تضعها الحياة أمامنا على سبيل الإغراق بالبقاء في هذا الشقاء». بالتالي فإنّ الإنسان سيعاني، سيعاني من المرض والفقر والهرم والفقد والذل والمهانة والعذاب الجسدي والقلق والخيبة والخيانة والخذلان والحزن، سيعاني كثيرًا، وسيتألم كثيرًا، وفي غياب ألمه سيسعى لتحقيق ما يظنه باعثًا للسعادة، ألا أعني اللذة الزائلة، وسرعان ما سيتلاشى أثرها ليرغب في الجديد، ولن يكتفي فيرضى، بل مآله الضجر والتبرّم، وهكذا تتأرجح الحياة كرقاص الساعة بين الألم والضجر.

نظرية الأخلاق عند الفيلسوف الألماني أرثر شوبنهاور

نظرية الأخلاق عند شوبنهاور في مفهومه عن العبقرية والزهد باعتبارها تجسد الأخلاق الحقيقية. العبقرية عند شوبنهاور هي النظرة اللاشخصية السامية المجردة عن المصلحة تماما. هي القوة التي يتمكن فيها الفرد من نبذ مصالحه، ورغباته وأغراضه وإبعادها تماما عن بصره. والقوة التي يستطيع بها إنكار شخصيته إنكارا تاما، لمدة من الوقت، ليبقى معرفة خالصة وبصيرة واضحة بالعالم. ولهذا فالعبقرية هي سيادة المعرفة على الإرادة سيادة واضحة، أما في الحالات العادية فإن الإرادة تسود المعرفة،

والمعرفة تنشط بدافع الإرادة فقط، بحيث تكون المصالح الشخصية والمنفعية هي الموجهة للمعرفة. العبقرية بهذا المعنى تفرز العبقرية عن البقية ولذا فالقاعدة عند شوبنهاور أن الإنسان يكون اجتماعيا بقدر درجة الضعف التي يكون عقله عليها فهو، اي الإنسان الاجتماعي. يفعل كما يفعل أولئك الذين يعيشون دائما في حالة اعتماد على ما هو خارجي عنهم. أما العبقري فاللذة التي يستشعرها في الجمال كله والسلوى التي يقدمها له الفن، وحماس الفنان يساعده على نسيان شواغل الحياة ويعوضه عن العناء الذي يزيد نسبيا مع جلاء وعيه. وعن وحدته بين جنس من البشر يخالفه.

وإذا كانت الفترة الجمالية صراعا بين العقل والإرادة فإن الزهد هو المرحلة الأخيرة التي ينتصر فيها العقل على الإرداة انتصارا كاملا. الفن إذن مسكن مؤقت لنزعات الإرادة، فهو يعبر الحياة، ولكن إلى رجعة. ويتخلص من آلامها ولكن في لحظات قصيرة معدودة. فإذا ما أحس العقل بقوته استشعر بنفسه الثقة، فوثب وثبة أخيرة، إلى عالم آخر لا سلطان للإرادة عليه، ولا سيادة للضرورة فيه.

كتابات أرثر شوبنهاور الفلسفية

  • العالم إرادة وفكرة
  • فن أن تكون دائما على صواب
  • العالم ارادة وتمثلا
  • العالم كتصور
  • نقد الفلسفة الكانطية
  • تأملات في الحياة والناس
  • تهمة اليأس

رحيل الفيلسوف الأماني أرثر شوبنهاور

في عام (1831) انتشر مرض الكوليرا في برلين لذلك فر شوبنهاور إلى فرانكفورت وعاش مدة سبعة وعشرين عامًا حتى توفي في 21 سبتمبر 1860. بفشل تنفسي

على الرغم من أنه كان يتمتع بصحة قوية، ولكن في عام 1860 بدأت صحته في التدهور ومات بسبب قصور في القلب في 21-9-1860 أثناء الجلوس في المنزل على الأريكة مع قطة له.

السابق
21 فبراير ميلاد الثعلب الجزائري رياض محرز مهاجم نادي مانشستر سيتي لكرة القدم
التالي
23 فبراير ذكرى رحيل هنري بركات شيخ المخرجين ابن لبنان المولود في مصر