حدث في مثل هذا اليوم الخامس والعشرين من يناير 2011، ذكرى لن تنمحي من ذاكرة المصريين للأبد. ولا حتى غير المصريين. العالم بأكمله كام يقف عاجزا عن الكلام. معجبا ببسالة الشعب المصري. ثورة الشباب وثورة الغضب وثورة السلم وثورة العدالة. تاريخ يرتبط بذاكرة المصريين بدلالات تتأرجح بين اعتباره رمزا لحلم بالتغيير وبين ما خلفه في نفوسهم من آثار اجتماعية. ثورة بعنوان عيش حرية عدالة اجتماعية.
ذكرى ثورة يناير المصرية
بالرغم من عدم تحقيق ثورة الخامس والعشرين من يناير للأهداف التي من أجلها خرج ملايين المصريين للشوارع مرددين هتاف “عيش حرية عدالة اجتماعية“. يرى البعض في المقابل أن الثورة خلفت آثارا اجتماعية لا يمكن حجبها. فالتعامل باعتبار الثورة المصرية وكأنها لم تكن. قد يكون أمرا غير منطقي. لأن ما شهدته مصر من حراك لابد وأنه ترك أثرا ما بطبيعة الحال سواء بالسلب أو الإيجاب في نفوس غالبية المصريين. وخاصة لدى أبناء الجيل الذي شارك في الثورة وتابع كافة تفاصيلها وإلى ما آلت إليه وكيف انعكس ذلك على الحياة العامة أو الخاصة.
ربما لا يسمح سقف الحرية المسموح به في مصر اليوم بما هو أكثر من مديح “شجاعة” المشاركين في ثورة الخامس والعشرين من يناير و”تعظيم ذكرى ضحاياها”. فبالنسبة لملف حرية التعبير. على سبيل المثال. جاءت مصر في المركز 163 على مستوى العالم. وفقا لمؤشر حرية الصحافة الصادر عن منظمة مراسلون بلا حدود في شهر ابريل/ نيسان الماضي.
وفيما يتعلق بملف الاعتقالات السياسية. لعل الأكثر بروزا في الفترة الأخيرة إقرارالنيابة العامة المصرية باعتقال نحو 1000 بتهمة المشاركة في موجة الاحتجاجات المحدودة التي شهدتها مصر خلال شهر سبتمبر/ أيلول الماضي.
ماذا تركت الثورة في نفوس المصريين
يرى البعض أن ثورة يناير “ماتت” وتعيش فقط “في أذهان حكام مصر الحاليين”. في إشارة للخوف من تكرار حدوثها. ولكن الخوف من العواقب الأمنية ليس الدافع الوحيد لدى الكثير من المصريين للابتعاد عن السياسة والشأن العام بدوره. تحدث الكاتب المسرحي حاتم حسين أيضا عن شعوره بشكل آخر من انعدام الأمان. إذ يعتبر أن ما حدث له بقيام ثورة يناير في 2011 هو “تجرد من الهموم الذاتية والحلم بتحقيق أهداف عامة إلى جانب الأحلام الشخصية”. على حد وصفه. إلا أن ما تلى ذلك كان “توجه تدريجي نحو الاهتمام بذاته فقط”. كما يقول . خاصة بعد زواجه وإنجابه، حيث يقول: “مع الكفر بفكرة خوض أي معركة من أجل الآخرين بغض النظر عن شكل المعركة أو نوع التضحية المطلوب. أرغب اليوم فقط في النجاة مع ابنتي وتربيتها وتوفير حياة أفضل لها”.
ويذكر حاتم، البالغ من العمر 35 عاما. أن فكرة الخروج من مصر تسيطر عليه لاعتقاده بأن الوضع أفضل في الخارج حتى وإن لم يكن متأكد من ذلك. ويقول: “الأمر مرتبط بالبعد عن وضع غير واضح لا أعلم إلى أين يتجه. فطوال الوقت يوجد شعور بانعدام للأمان وبالتحديد على المستوى الاقتصادي”.
إقرأ أيضا:20 يناير يوم الرئاسة الامريكية من فرانكلين روزفلت إلى أوباما وبايدن تداول السلطة السلميالتحول الذي أحدثته الثورة
وبالرغم من ارتفاع معدلات نمو الاقتصاد المصري وتراجع سعر الدولار إلى ما دون 16 جنيها أواسط الشهر الجاري يناير/ كانون الثاني .2020 بعد مخاوف سابقة من انهيار العملة المصرية. ما يزال جزء كبير من المصريين يعاني من انخفاض القدرة الشرائية في ظل زيادة الأسعار. مع ارتفاع نسبة الفقر من 28 إلى 32.5 بالمائة خلال عامي 2017 و 2018.
ويشير حاتم لوجه آخر من “التحول” الذي يعيشه بسبب ثورة يناير. ويؤمن حاتم بأن الثورة جلبت معها “نموذجا لما يجب أن يكون عليه المرء”. مما شجع الكثيرين على القراءة أو اتباع نماذج غير تقليدية في الحياة أو مشاهدة نوع من مختلف من الأعمال الدرامية أو الاستماع لنوع مختلف من الموسيقى أو غيرها من مظاهر الانفتاح والحرية. وتبني أفكار مختلفة عن المعتاد أو المقبول اجتماعيا. حتى وإن توقف الشخص عن متابعة الشأن العام أو المشاركة فيه. على حد تعبيره.
أحداث الثورة وما قبلها
انطلقت يوم الثلاثاء 25 يناير 2011 الموافق 21 صفر 1432 هـ. يوم 25 يناير الذي اختير ليوافق عيد الشرطة حددته عدة جهات من المعارضة المصرية والمستقلين. من بينهم حركة شباب 6 أبريل وحركة كفاية وكذلك مجموعات الشباب عبر موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك وتويتر. والتي من أشهرها مجموعة «كلنا خالد سعيد» و«شبكة رصد» وشبابُ الإخوان المسلمين. برغم التصريحات الأولية التي أشارت إلى أن الجماعة لن تشارك كقوى سياسية أو هيئة سياسية. لأن المشاركة تحتاج إلى تخطيط واتفاق بين كافة القوى السياسية قبل النزول إلى الشارع، كانت الجماعة قد حذرت إذا استمر الحال على ما هو عليه من حدوث ثورة شعبية. ولكن على حد وصفهم «ليست من صنعنا».
إقرأ أيضا:17 يناير انطلاق عملية عاصفة الصحراء لتخليص الكويت من الغزو العراقيجاءت الدعوة لها احتجاجًا على الأوضاع المعيشية والسياسية والاقتصادية السيئة وكذلك على ما اعتبر فسادًا في ظل حكم الرئيس محمد حسني مبارك. في عام 2008، قامت فتاة تدعى إسراء عبد الفتاح وكانت تبلغ حين ذاك من العمر 30 عاماً، من خلال موقعها على الفيسبوك، بالدعوة إلى إضراب سلمي في 6 أبريل 2008، احتجاجا على تدهور الأوضاع المعيشية، وسرعان ما لقيت دعوتها استجابة من حوالي 70 ألفا من الجمهور خصوصا في مدينة المحلة الكبرى. والنتيجة أن الإضراب نجح، وأطلق على إسراء في حينه لقب «فتاة الفيسبوك» و«القائدة الافتراضية». ومنذ عام ونصف قامت حركات المعارضة ببدء توعية أبناء المحافظات ليقوموا بعمل احتجاجات على سوء الأوضاع في مصر. وكان أبرزها حركة شباب 6 أبريل وحركة كفاية وبعد حادثة خالد سعيد قام الناشط وائل غنيم والناشط السياسي عبد الرحمن منصور بإنشاء صفحة كلنا خالد سعيد على موقع فيس بوك . ودعا المصريين إلى التخلص من النظام وسوء معاملة الشرطة للشعب.
نتائج ثورة 25 يناير التي لن تنسى ولو بعد ألف عام
أدت هذه الثورة إلى تنحي الرئيس محمد حسني مبارك عن الحكم في 11 فبراير 2011 (الموافق 8 ربيع الأول 1432 هـ) ففي السادسة من مساء الجمعة 11 فبراير 2011 أعلن نائب الرئيس عمر سليمان في بيان مقتضب تخلي الرئيس عن منصبه. وأنه كلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بقياده محمد حسين طنطاوي بإدارة شئون البلاد. وقد أعلنت أغلب القوى السياسية التي شاركت في التظاهرات قبل تنحي مبارك عن استمرار الثورة حتى تحقيق الأهداف الاجتماعية التي قامت من أجلها.
سقط العديد من الشباب خلال هذه الثورة بعضهم على يد قوات الشرطة والبعض الآخر على يد بعض المأجورين التابعين للحزب الوطني الحاكم. وقد صرح وزير الصحة في وزارة تصريف الأعمال أن عدد الذين ماتوا جراء الثورة حوالي 365 حتى فبراير، 2011. بينما رجحت مصادر أهلية أن العدد يتجاوز الـ 500 خاصة أنه يوجد بعض الموتى لم يتم التعرف عليهم كما يوجد عدد غير قليل من المفقودين. وأخيراً في الرابع من أبريل من العام نفسه صرح مصدر مسئول بوزارة الصحة أن أعداد الوفيات في جميع المستشفيات ومديريات الصحة التابعة لوزارة الصحة في الأحداث وصلت إلى 384 شخصًا. ووصلت أعداد المصابين إلى 6467 شخصًا، لافتًا إلى أن مكاتب الصحة أرسلت بيانًا آخر يفيد بأن عدد المتوفين أثناء الأحداث في جميع مستشفيات مصر بلغ 840 شخصًا.
تسلسل أحداث ثورة المصريين
- أول يوم : يوم الغضب الثلاثاء 25 يناير
- ثاني يوم : 26 يناير أربعاء حرب الشوارع وتعطيل فيسبوك وتويتر
- ثالث يوم : 27 يناير خميس اعتقال وائل غنيم وفصل الانترنت تماما عن مصر
- رابع يوم : 28 يناير جمعة جمعة الغضب
- خامس يوم : 29 يناير سبت خطاب مبارك ووعود اقتصادية واجتماعية أكل الزمن عليها وشرب ونام ،حل الحكومة
- سادس يوم : 30 نياير أحد حظر التجوال وتحدي المصريين له، اقتحام سجن وادي النطرون وهروب المساجين ومن ضمنهم محمد مرسي ومبارك يفتح باب النقاش(هأو) .
- سابع يوم : 31 يناير اثنين صلاة الغائب على أرواح قتلى الاحتجاجات.
- ثامن يوم : 1 فبراير ثلاثاء المظاهرات المليونية الثمانية ملايين ثوري في القاهرة وسائر أنحاء مصر، وكان الاكثر عددا منذ بداية الثورة.
- تاسع يوم : 2 فبراير أربعاء موقعة الجمل
- عاشر يوم: 3 فبراير خميس “لم أكن أنتوي” الترشح لفترة رئاسية جديدة مبارك يعلن.
- اليوم الحادي عشر: 4 فبراير جمعة الرحيل يوم الحقيقة وجمعة الاستقرار وجمعة الوفاء
- الثاني عشر: 5 فبراير سبت تفجير يستهدف انبوب غاز بين مصر والاردن واسرائيل
- الثالث عشر: 6 فبراير أحد الشهداء وأول أيام اسبوع الصمود
- الرابع عشر: 7 فبراير اثنين بعد العاصفة ، وخروج وائل غنيم وارجاع قناة الجزيرة
- الخامس عشر: 8 فبراير ثلاثاء استمرار الاتظاهرات والمطالبة برحيل مبارك ، الاحتفال بوائل غنيم
- السادس عشر: 9 فبراير أربعاء يوم المطلب مصانع وهيئات وشركات وجهات كثيرة تخرج في اعتصامات للمطالبة بحقوقهم المسلوبة
- السابع عشر: 10 فبراير خميس يوم الانتظار، توجه المتظاهرون إلى مقار رئاسة الجمهورية في أماكن متفرقة بالقاهرة
- الثامن عشر: 11 فبراير جمعة الزحف جمعة التحدي جمعة النصر، بياناً من رئاسة الجمهورية يعلن فيه رئيس الجمهورية محمد حسنى مبارك تخليه عن منصب رئيس الجمهورية وتسليم إدارة شئون البلاد للمجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية.