حدث في مثل هذا اليوم وفاة الأديب فيلسوف الوجودية العبثي ألبير كامو, ولد كامو في 7 نوفمبير 1913 من أم اسبانية صماء وأب توفى بعد سنة واحدة من ولادة الصبي في حي شعبي فقير في الجزائر. قام بأعمال مكتبية وادبية لمتابعة دراسته الفلسفية فحصل على البكالوريا . في عام 1936 حصل على دبلومة دراسات عليا لكن مرض السل منعه من اجتياز شهادة الاستاذية في الفلسفة. وفي عام 1944 عُين رئيس تحرير صحيفة المعركة.
يرتبط اسم البير كامو بالعبث واللامبالاة والفلسفة الوجودية، والتي اتضحت في أعماله الادبية ومقالاته الصحفية.
أعماله الأدبية والفلسفية
أسطورة سيزيف 1942
يعبر كامو عن مشقة الانسان التي يكابدها في حياته والتي لا تنتهي ابدا. بحسب الميتولوجيا الأغريقية يعد سيزيف أو سيزيفوس بالاغريقية من أكثر الشخصيات مكرا واستطاع أن يخدع إله الموت عند الاغريق واسمه ” تاناتوس ” مما أغضب الآلهة عليه فكان أن عاقبته بالعذاب الأبدى .المتمثل فى حمل صخرة من سفح جبل والصعود بها إلى القمة .. وقبيل بلوغه قمة الجبل بقليل ما تلبث الصخرة أن تسقط متدحرجة إلى السفح مرة أخرى. مما يضطر سيزيف إلى حمل الصخرة والصعود بها محاولا بلوغ القمة من جديد
ولكن هيهات .. لقد كان عذابه أبدياً .. ويرى فيه ألبير كامو الإنسان الذى قُدر عليه الشقاء الأبدى . في الرواية يعرض كامو معاناة الانسان المعاصر في ظل وسائل المواصلات والاتصالات فيظل الانسان يطارد احلامه في جهد باستمرار دون توقف وذلك يتفق مع تمرد وعبثية كامو اللذان يضيفان على الحياة قيمة ومتعة .
رواية الغريب 1942
وهي أول رواية لكاتبنا وتنتمي للأدب العبثي أيضا، وهي احدى اجزاء دورة العبث لدى ألبير كامو والمكونة من الغريب واسطورة سيزيف وكاليجولا وسوء المفاهمة. يكتشف ميرسولت وفاة والدته. لكن لا يظهر أيا من مشاعر الأسى والحزن كما هو متوقع. وعندما سُئل إذا ما كان يريد رؤية جثتها، فقابلهم بالرفض. وبدلا من إظهار مشاعره وأساه للقارئ أخذ يتكلم فقط عن الحاضرين للعزاء.
لاحقا، يقابل ميرسولت فتاة تدعى ماريا، كانت موظفة سابقة في شركته. وأصبح الأثنان مندمجين أكثر ببعضهما. فذهبا للسباحة سويا. وشاهدا فلما مضحكا تلك الليلة. وبدأ الاثنان بعلاقة جنسية بعد ليلة واحدة من وفاة أمه.
إنّ العبثية في الأساس مدرسة قامت على فكرة العبث. والعبث عندهم يعني أنّ الإنسان وجوده في هذه الحياة إن هو إلّا عبثًا؛ بمعنى أنّ أفعاله وتصرّفاته كلّها ليس لها معنًى. وإنّما الإنسان يجترّ فقط أفكاره وأفكار من سبقه بعد أن فقد القدرة على رؤية الأشياء بحجمها الطّبيعيّ
وذلك جاء ردّة فعل بعد أن صارت الآلة مسيطرة على حياة الإنسان لدرجة العبوديّة لها. لذلك نجد البطل كل تصرفاته عبثية لا تسير على منطق ولا هدف لها، مما يعني ان وجوده مرهون فقط بمتعته. ليس عليه الا ان يستمتع بوجوده قدر المستطاع.
مسرحية كاليجولا 1944 للاديب كامو
وكاليجولا هو إمبراطور روماني طاغية ( المعادل الموضوعي لهتلر وأي طاغية آخر ) وكان أيضا غريب الأطوار حيث فاجأ الحراس والجنود باختفائه ذات ليلة ولم يُعثر له عل أثر لمدة طويلة.. واجتمع أشراف روما بعد أن ساورتهم الهواجس حول اختفائه لاختيار إمبراطور جديد للبلاد وذلك لاعتقادهم أن كاليجولا قد هلك حزنا على شقيقه الذي كان قد مات مؤخرا..
ولكن كاليجولا فاجأهم بعودته وكان حزينا شارد الذهن ليس لموت شقيقه. كما اعتقد الأشراف بل لأنه لم يوفق في مهمته التي اختفى من أجلها وهى العثور على القمر. متعة القراءة لكامو تأتي من الاحداث الغير مترابطة ولا المنطقية. هو يضيف احداث جديدة لحياتنا بدونه لن توجد من ذا الذي يختفي عن قصره ومُلكه كي يبحث عن القمر إلا كاليجولا ألبير كامو؟
مسرحية سوء فهم 1944 للروائي الجزائري
تحكي قصة امراة وابنتها لديهما فندق يقومان بقتل المسافرين النزلاء وسرقة نقودهم ورميهم بالنهر. ولدى هذه الام ابن تركها منذ سنوات يقرر العودة لمدينته هو وزوجته بعد ان جمع المال .لانه اراد ان يحدث مفاجأة لامه واخته قرر عدم الكشف عن هويته ويستأجر غرفة بذلك الفندق، وطبعا تقوم الأم وابنتها بقتله، ومن ثمن تنتحران هن الاخريات
إقرأ أيضا:5-11 ذكرى وفاة محمد حسن حلمي ” زامورا ” رئيس نادي الزمالك المصريومن هنا نفهم شيء ويضاء لنا اشياء فمثلا الموت الطبيعي غير موجود في المسرحية .هو جزء اخر من رؤية كامو وهو يسعى الى موت مدرك وليس موتا طبيعيا . ذلك لإيجاد العلاقة بين وجود الانسان والموت كأساس في هذا الوجود وسبيل للخلاص من هذا الوجود.
الطاعون 1947 لفيلسوف الوجودية
تناضل شخصيات أبطال الروايّة كلٌ على طريقته في مواجهة تكاد تكون عبثيّة مع الأوقات المظلمة فيما تتفاقم صناعة «الأخبار الكاذبة» لدى السلطات وفي الصحافة نكراناً لتفشي الوباء. أو ادعاء محدوديّة تأثيره على صيغة «لا توجد فئران في هذه البناية» التي تفوه بها ناطور البناية فيما كان السكان أنفسهم يخرّون موتى من الطاعون. وهذا ما نمر به في اوقاتنا المعاصرة قبل اعلان الكورونا جائحة عالمية
لذلك
هذه الرّواية ولوهلة تبدو وكأنها تستلهم على المستوى الرّمزي المحض واقعنا المعاصر بكل سلبياته وإيجابياته في مواجهة الوباءات الجديدة من إيبولا إلى سارس. ومن حمى الوادي المتصدّع إلى كورونا.
ألبير كامو ذو الصوت العالي
- وفي النهاية يمكننا القول أن في الذّكرى الواحد و الستين لغيابه المبكّر (عن 44 عاماً) أعادت الرجل إلى دائرة الاهتمام مجدداً
- ليس فقط بسبب من تجدد المزاعم التي يرّوجها الكاتب والشاعر الإيطالي جيوفاني كاتيللي حول تآمر مخابراتي سوفياتي – فرنسي للتخلّص من صوت كامو العالي
- والذي كان يتسبب بصداع للطرفين من خلال انتقاداته المريرة للسياسات السوفياتيّة في وقت كانت فرنسا تحاول تجنّب عداوة موسكو. بل لان أعماله مثيرة للاهتمام في عصرنا هذا تعبر عنا وعن احوالنا اكثر من روايات عصرنا
- ايضا لراهنيّة مستعادة لأعماله الأدبيّة التي تطرح ببرود قاتل عبثيّة تجربة الوجود البشري برمتها وتستدعي كوابيسها
- وفوق ذلك كلّه فلسفته بالتمرّد والثورة في مواجهة الأقدار المظلمة المحتمة كالتي انتهينا إليها – فردياً وجماعياً – في ديستوبيا العيش المسمى عصر الرأسماليّة المتأخرة هذا