حدث في مثل هذا اليوم
ذكرى ميلاد السلطان سليمان القانوني، سلطان عثماني بلغت في عهده الدولة العثمانية أوج قوتها
تحدثت عنه مقررات المدارس…. وسمعنا عنه الكثير في البرامج الوثائقية…. حتى أننا تتبعنا قصصا عنه في الأفلام التلفزيونية ونحن لا نعلم أنها أحداث مستوحاة من حياته الواقعية.
إنه سليمان القانوني أشهر سلاطين الدولة العثمانيين آنذاك، وكل أوصاف الشهامة و القوة كان يجمعها في شخصيته وفي إنجازاته التاريخية. فتخيل يا صديقي درجة المحبة التي أعطاها لرعيته وما قدم من أجلهم من تضحيات حتى يبني دولة مكافحة إستمرت لسنين عديدة بفضل شجاعته والشخصية الفذة التي كبرت معه فصارت لصيقة به.
حظيت حياة السلطان سليمان القانوني باهتمام الكتاب، لاسيما كتاب الدراما، فكتبت غنه قصص منذ توليه العرش حتى وفاته وجسدت أيضا في مسلسل من أربعة أجزاء، أطلق عليه اسم (حريم السلطان)
في مثل هذا اليوم تحل ذكرى ميلاد السلطان سليمان القانوني الذي ولد في مدينة (طرابزون) التي كان والده آنذاك السلطان سليمان الأول واليا عليها، وقد كان ميلاد سليمان القانوني في 6 نوفمبر من عام 1494 بعثة جديدة في حياة والده وفرحة كبيرة له وقد اهتم به اهتماما عظيما، فكانت تنشئته مضبوطة وقائمة على محبة للعلم، وتعلم الأدب، وإحترام من هم في مرتبة العلماء، والأدباء، وهذا ما جعل بداية قوة وشخصية سليمان القانوني تظهر معه منذ شبابه. فقد اشتهر وهو شاب صغير بالجدية والوقار، ما جعله يتربص على العرش ويصير سلطانا للدولة التي نشأ فيها وهو في السادسة والعشرين من عمره. وقد استمر حكمه لأكثر ن 40 عاما بدأت منذ عام 1520، وبذلك فقد تصدر لائحة صاحب أطول فترة حكم بين السلاطين العثمانيين. وقد عرف أنه لم يكن له أخوة، بل ثلاث أخوات فقط، هن السلطانة خديجة، السلطانة شهر زاد، السلطانة فاطمة.
إقرأ أيضا:29 يناير ذكرى ميلاد الاديب الروسي أنطون تشيخوف عميد القصة القصيرةرغم أن سليمان القانوني لم يتولى الحكم إلا بعد وفاة والده وبسن 26 عام. إلا أنه عندما بلغ السابعة من عمره أصبح حاكما لمدينة كافا (ثيودوسا)، ثم مانيسا بعد ذلك.
أما حياته الشخصية فقد سجلت الأحداث التاريخية أن السلطان العثماني سليمان قد تزوج أكثر من مرة، وأنجب العديد من الأولاد. فكانت بذلك أول زوجاته السلطانة ناهد دوران، التي تزوجها عام 1512، وقد أنجبت له الأمير مصطفى وهو الابن الوحيد لهما، إلا أن سليمان بقوته وحزمه الكبير وبفعل الأزمات التي مر بها أمر بقتله بتهمة التآمر عليه مع شاه الصفويين (طهماز) وذلك تخطيطا منهما للاستيلاء على العرش.
وبعد ذلك جاء الدول على هيام روكسلانا لتكون زوجته الثانية بعد السلطانة ناهد دوران وقصة هيام مع السلطان سليمان غريبة بعض الشيء حيث أن هناك من وصفها بغير الطبيعية وهناك من شكك فيها. لأن هيام روكسلانا كانت من أصول روسية، وابنة لكاهن في القرم، أسرها التتار وأحضروها جارية إلى قصر السلطان وهناك تطورت علاقة سليمان معها فأحبها وتعلق بها، وتزوجها في عام 1531، فأنجبت له كل من الأمير محمد، عام 1521، لكنه توفي إثر إصابته بمرض الجدري في عام 1543 ثم بعده كانت السلطانة مريم، من مواليد عام 1522، تزوجت من رستم باشا الذي أصبح الوزير الأعظم، وقد توفيت في عام 1578. وأخيرا الأمير سليم الثاني، من مواليد عام 1524، والذي أصبح السلطان بعد وفاة أبيه وتوفي في عام 1574. وقد كانت قصة السلطان مع جاريته محط اهتمام الكتاب حتى أنهم صاغوا عنهما قصة تحولت في ما بعد إلى مسلسل.
إقرأ أيضا:26 فبراير ميلاد أحمد زويل أبوكيمياء الفيمتو الحاصل على نوبل 1999وخلال فترة سليمان القانوني وبعد دراسته المحكمة لسياسة بلده وضبط علاقاته الخارجية. عاد سليمان القانوني وأحاط نفسه بالإداريين ورجال الدولة ذوي القدرات غير العادية، مثل إبراهيم ورستم ومحمد سوكولو، ومتخصصين في الشريعة الإسلامية مثل أبو السعود، وشعراء مثل الشاعر التركي الكبير باكي، ومهندسين مثل المهندس المعماري سنان. إلا إن القاسم المشترك بين كل هؤلاء رغم إختلاف مجالاتهم هو ثقة سليمان فيهم.
انتقل السلطان سليمان بعد ذلك وشيد قلاعا حصينة للدفاع عن الأماكن التي انتزعها من المسيحيين وأقام في مدن الإسلام المساجد والجسور والقنوات وغيرها من البنايات التي كان لها الدور في تثبيت أسس دولته وزرع المعتقدات الدينية.
إقرأ أيضا:22 فبراير ذكرى ميلاد الفيلسوف الألماني أرثر شوبنهاور فيلسوف الوجودية والتشاؤموجدير بالذكر أن إنجازات السلطان سليمان خلال فترة توليه حكم الإمبراطورية العثمانية لم يقتصر فقط على التوسع العسكري؛ بل كونه قائدا وذو فطنة في التغيير وصاحب حكمة وكونه قائدا عظيما ساعد في تحويل الإمبراطورية العثمانية إلى قوة اقتصادية هائلة، كما قام أيضا بإصلاح القانون وبعمل نظام قانوني موحد. لذلك فقد بدأ السلطان سليمان بإعادة صياغة النظام الضريبي، وبناء المدارس، وتشجيع الفنون كافة إلى أن سميت تلك الفترة بالعصر الذهبي وذلك بفعل التزايد الكبير للثقافة في الإمبراطورية العثمانية.
في ما بعد بلغت الدولة العثمانية في عهد سليمان القانوني ذروة المجد، وبسطت سلطانها على معظم بلدان العالم الإسلامي، وبعض الدول الأوروبية، وارتقت فيها النظم الإدارية على نحو يثير الإعجاب والتقدير. فبعد بقائه في السلطة لحوالي نصف قرن من الزمن إستطاع خلالها ملئها بالإنجازات سواء داخل حدود السلطنة أو خارجها، حيث تمكن من توسيع سلطنته في ثلاثة اتجاهات نحو أوروبا والمحيط الهندي وشمال أفريقيا، فضم رودس وبلغراد وكاد يصل إلى روما عاصمة إيطاليا ومركز الكنيسة الكاثوليكية، كما سيطر على اليمن وتونس.